Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

لم يكسر أبي بأسي!

وصلني تعليق على بعض التدوينات التي كتبتها، فيه:فيها صِدق تَناوُل وجرأة في الاشتباك مع دواخل نفسية قد تعنينا ولكن لا نجرؤ على الخوض فيها …”

تساءلت في نفسي من أين يمكن أن تكون أتتني ما وُصفتْ بأنها:جرأة في الاشتباك، على أني أعرف من نفسي أنيخُلقتُ عيوفاً، لا أتحمل أفهام الناس؟

ثم ذكرتُ فجأة صورة جدتي وهي تصفّق لنا، وتهزج أو تغني ونحن صغيراتٌ نرقص:

يا حصة طوطحي براسك

وأَبيّك ما كسر باسك

لم يكسر أبي بأسي؛ كنت أجادله فأكثر جداله في مسألة من مسائل الطهارة، ونحن على سفر، لم أعرف جوازها، وأخاف على صلاته، على علمي بحرصه وأخذه بالعزم. فكان لا يمل من جدالي، ثم يُثني على حرصي وخوفي.

كان يأخذني بيدي إلى المسجد في إكستر، لأسأل شيخاً معروفاً في العالم الإسلامي، كان مقيماً هناك، ما بدا لي من شؤون المرأة المسلمة.

كان يعينني في كل عمل تطوعي مع مؤسسات خيرية قلّ أن يوجد فيه امرأة غيري، يحضر معي الاجتماعات، يُجلسني في مكان مناسب في الصدر ويجلس على يميني.

ولم يكن هو يستبطن في هذا (تمكيناً للمرأة)، أو (صناعة دور) لها في المجتمع، وإنما كان يريد أن يُنبتنا نباتاً حسناً، وأن يُيسّر لنا تيسير السبيل للناس.


أعادني هذا إلى كل ما كتبته في ملفاتي من خواطر ومسائل تهم المرأة المسلمة، ثم حفظته، وكدت أن أحذفه.

هل سنكتب يوماً عن: أسئلة نساء الأنصار، وعن صوت مجادِلاتٍ  جادلن النبي أو خليفته عمر. أو عن صحابية استفتت النبي في حُكم أبيها (عن غير معارَضةٍ له)، لكنها أرادتأن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء“. وعن سؤال عائشة النبي؛ تسأله عن الكُنى؛ فيؤتيها ابن أختها.

هل سنكتب عن مساجد الله؛ الطريق إليها؛  نُمنعه أو نؤتاه. عن الحجاب معنى تتشكّل به مواقفنا من الحياة وفي الحياة. عن سِيَر النساء مِن قَبلنا، نصوغ بها تصوراتنا، ونتلمس بها الهدى، ثم نواجه من التجارب غيرها، وتتجاذبنا تأويلاتٌ، ونوازع، وحياةٌ حديثة، انقضّ بنيانها القديم ثم بُنِيتْ على غير ما كانت عليه الحياة.

هل سنكتب عن هذا، في فضاءات تتقاذف فيها الأفهامُ الفِكَر، أم سنواري الفكرةَ والشعور صيانةً وتحايداً، ثم نكتب ما يكتبه غيرنا؟


زاوية:

مما لفتني في أهزوجة جدتي: أن ذاك الجيل كان على وعي أنه من حُسن تربية البنت أن لا يُكسر بأسها.

(أو لعلّه أوكل “مهمة” كسر البأس للأمهات، من يدري؟!)

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية، تصلك آخر التدوينات.

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates