ومن جهة أخرى، فرق آخر بين (الرحمة) و(التعاطف) يتمثل في أن الرحمة ، من حيث هي شعور، غير مقدورة للعبد بتعبير الغزالي[5]، إي: لا اختيار للمرء في أن يشعر بهذا الشعور أو ذاك. وعليه، فقد يتحصل لبعض الناس من شعور الرحمة والرقة والشفقة ما قد لا يتحصل لغيرهم.
صادفتني هذه اللوحة وأنا واقفة على الرصيف في المحطة أنتظر القطار، وأزعم أنني قد اجتمع لي -أثناء وقوفي أمامها- كل شعور قد اختبرْتُه في حياتي، وربما مشاعر لم أختبرها من قبل -أو كادت أن تجتمع- في تلك اللحظة.
كنت قد حضرت محاضرة في الجامعة عن (العشق عند العرب؛ باعتباره حالة مرضية)، كانت محل عناية في الطب التراثي ودرسها الأطباء (مثل ابن سينا والرازي وغيرهما)، ولا زلت أذكر كيف أن أقواماً كان فوق تَصوّراتهم أن يدركوا أنّ قوماً “إذا عشقوا ماتوا”.
بشكلٍ ما، أشعر أن أزمنة الانتظار هي أزمنة لزرع النفوس أو الزرع فيها، وهل يتأتى زرع دون حرث وتقليب ورياح ولُبْث؟
في المحكية نقول: “زرعني فلان”، إذا أطال انتظاري.
سيؤذيك أن تُحجم عن الحب أكثر مما يؤذيك أن تتعرض له.
ذلك أن كل ألم من جهة وصل منطوٍ على محبة صادقة ومستحَقة هو ألم عافية. فإذا خُيّرتَ فاختر، دائماً، أن تكون في طريق محبة.