Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

إذا رُزقت طفلة ذكية: دليل تَعامُلٍ للوالدين!

لا تعرف طفلة ذكية ما (الذكاء)، إذا ما وُصفت، وتحاول أن تستقرئ معناه من ألسنة القائلين أو وجههم، ما الذي يحيل إليه بائع تجادله في ثمن اللعبة، أو معلّم في نادٍ تحاجّه في وعود لم يُنفذها، أو مدرّب في دورة تتمتم بإجابات على أسئلته -على صمتٍ من الفصل- وهي مُطأطئة رأسها إلى دفترها، إذا ما قال: “ذكية!” التفتت خلفها.

كيف يعرف الناس هذا ولم ينظروا في بطاقة الدرجات؟ هل يوصف الناس بالذكاء في غير الفصل والمدرسة؟ وعلامَ؟

غير أنها -على الأرجح، ستلتحق بفصول الدراسة مبكراً عن إلحاح ولهف، ليس بوسعك ردُّها طويلاً، وستطلب أن يكون لها حقيبة وكراسة إذا ما بلغت أختها الكبرى سنّ الحضانة، تأخذهما معاً إلى الحضانة على مضض، وقد تقول لك مديرة الحضانة إذا رأتها أول العام الدراسي وعلى ظهرها حقيبة: رضاعتها بالشنطة؟! -في اعتراض مبطن على تجاوز شرط العمر.

وقد تلتحق بالمدرسة -كذلك-  قبل بلوغ السن المسموح به، عليك أن تبحث عن مدرسة تقبل هذا، ثم تنبّه أن ذلك سيحسب عاماً زائداً من عمرها، إذ ستنسب إلى دفعة فصلها، أو قد يكلفك هذا ثمن عام دراسي لا يحسب لها، وتجلس فيه (مستمعة).

تحل واجباتها مبكراً غير أنها لا تكاد تحسن من صنع اليد سوى الكتابة في الدفتر، لا تلوّن ولا تحيك ولا تخبز، فتريحكِ في شأن وتزعجكِ في شأن، يومٌ رضا ويومٌ معاتبة، لا تُحسن إيقاد الفرن، ولا تسجيل حلقات التلفاز على جهاز الفيديو، تُوكل إلى أخواتها مهام وتقوم عنهن بمهام: تحلّ عنهن واجباتهن خِفْية ليقمن ببعض الشؤون الموكلة إليها، فإذا تناهى إلى عِلمك شيء من هذا فتغافلي عنه.

وإذا استيقظت المدينة يوماً على صوت حربٍ، وتداعت العائلة إلى البيت الكبير فجراً، تقرفصت إلى سارية من البيت تُسند ظهرها، وهي تقرأ من مصحفها، ثم انزوت إلى إليكِ تسألكِ: “يمة، أوِلسنا في شهر الله المحرّم؟”

تتصفح كتبك التي تتركها على مقاعد المجلس وراءك: (زاد المستنقع)، أو (رسالة المسترشدين) أو (العود الهندي)، فتدرك أن الفقه الحنبلي فيه تيسير كثير في مداخله: أبواب الطهارة والصلاة، وأن المعاملة مع الله لب العبادة، وأن الحب يرعى الفضائل في النفوس، يهذب طباعها، ويقرؤه أهل الدين والخلق.

وإذا ما اجتمعت ببعض أصحابك أو أشياخك في مجلسك، تتدارسون كتاباً في الفقه الشافعي أو الحنبلي، أو تقرؤون (رسالة المسترشدين) أو (طوق الحمامة) ستجلس على عتبة من السّلّم تسترق بها السمع، وتستتر بها عن النظر، فإذا وجدت كتاب الفقه في حجرها فاجعل لكم في مجلسكم مكبّرا للصوت ليبلغ مسمعها.

وإن قال لك أستاذ يدرّسها في الجامعة -كان زميلاً لك في بعض سِنِيّ الدراسة-: “ابنتك هذه نجيبة” فأبلغتها ما قاله أستاذها فإنها على الأرجح ستفكر كيف توظّف هذا الاعتراف لتحصيل درجات في الاختبار يُغضي لها به عن ذنب التخلف عن المحاضرة، إذ تغيب لتحضر مناشط أخر.

ربما تُناقشك في مسائل الطهارة أو تحدّث إخوانها حديث الكتب، لا تجد بأساً، كأنما القول المنقول -في مخيلتها- نصّ مقروء، فتصك أخواتها وجوههن، وهي لا تدري ما بهن، أوَ ليست لغة الدين هي اللغة العالية؟! أو تحضر درساً لشيخ زائر، في مسجد، في حيّ بعيد، أو تحضر محاضرة أُعلن عنها للنساء والرجال، فلا تجد في الحاضرين امرأة سواها، يلتبس عليها الأمر: َهل اللائق بنا أن نحضر أم نغيب؟، وسبب التباسه المسافة التي لا تُحسِن قطعها بين ما في الكتب وما في الحياة.

ولقد تكون مباهجها في الحياة من جنس مواهبها، فلا تكاد تنشغل بشيء سوى ما هُيَّأت له طبيعةً، كأنما صُرِفت بكُلّيتها إلى باب واحد، فمن هذا الباب جُلّ عطاياها وعطاياكما، وامتحانها وامتحانكما.

سبحانك اللهم وبحمدك.


الصورة لـ k_aldabbous@

2 من التعليقات

  • غير معروف
    Posted 11 أبريل, 2025 at 7:04 ص

    هنيئا لها .. وبلغها الله ما تخدم به الدين والامه

  • تسنيم
    Posted 16 أبريل, 2025 at 8:43 م

    وكأن حياتها رحلة تفرغ علمي لا تنتهي..

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية للمدونة

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates