يذكّرني هذا -في وجهٍ منه- بقولة سيدنا عثمان: “كنت أعالج وأُنمّي ولا أزدري ربحاً …”، أن الأشياء الصغيرة المدروسة تُحدِث آثراً مطلوباً ومؤثراً.
نفوسنا
نظراتٌ في النفس، تعبيرٌ شفاف عن بعض أحوالها
بلغت أشُدّك وأنت لم تُمنَع يوماً شربة ماء، ولم تُوصد دونك نافذة تطلّ منها إلى السماء؟
أضع على نوافذي زرعاً، وأعتني بباقات الورد التي أهداها، كلما طرَق الورد بابي أو وصلتني نبتة في أصيص كنت أحاول أن أمدّ من عمرها برعايتها..
ومن جهة أخرى، فرق آخر بين (الرحمة) و(التعاطف) يتمثل في أن الرحمة ، من حيث هي شعور، غير مقدورة للعبد بتعبير الغزالي[5]، إي: لا اختيار للمرء في أن يشعر بهذا الشعور أو ذاك. وعليه، فقد يتحصل لبعض الناس من شعور الرحمة والرقة والشفقة ما قد لا يتحصل لغيرهم.
وفي حكم ابن عطاء الله السكندري: “من آذاك فقد أعتقك ..”
صادفتني هذه اللوحة وأنا واقفة على الرصيف في المحطة أنتظر القطار، وأزعم أنني قد اجتمع لي -أثناء وقوفي أمامها- كل شعور قد اختبرْتُه في حياتي، وربما مشاعر لم أختبرها من قبل -أو كادت أن تجتمع- في تلك اللحظة.
كنتُ على مسافة بُحورٍ حين قلتُ -عفواً- لأمي:
“يمة قلوبي تعوّرني”.
ما كنت أعرف حينها لِمَ جمعتُ (قلب)، واعتبرتُها زلة لسان.
كنت قد حضرت محاضرة في الجامعة عن (العشق عند العرب؛ باعتباره حالة مرضية)، كانت محل عناية في الطب التراثي ودرسها الأطباء (مثل ابن سينا والرازي وغيرهما)، ولا زلت أذكر كيف أن أقواماً كان فوق تَصوّراتهم أن يدركوا أنّ قوماً “إذا عشقوا ماتوا”.
بشكلٍ ما، أشعر أن أزمنة الانتظار هي أزمنة لزرع النفوس أو الزرع فيها، وهل يتأتى زرع دون حرث وتقليب ورياح ولُبْث؟
في المحكية نقول: “زرعني فلان”، إذا أطال انتظاري.
سيؤذيك أن تُحجم عن الحب أكثر مما يؤذيك أن تتعرض له.
ذلك أن كل ألم من جهة وصل منطوٍ على محبة صادقة ومستحَقة هو ألم عافية. فإذا خُيّرتَ فاختر، دائماً، أن تكون في طريق محبة.