لا تقدم هذه التدوينة تأويلاً لمعنى الآية، وهي إذ لا تفعل ذلك، فليست تقدم تأملاً في معناها نفسه، وإنما تأملات في فعل التواصل، وفي العجز فيه، في البيوت الآمنة.
لا تعرف طفلة ذكية ما (الذكاء)، إذا ما وُصفت به، وتحاول أن تستقرئ معناه من ألسنتة القائلين أو وجههم، ما الذي يحيل إليه بائع تجادله في ثمن اللعبة، أو معلّم نادٍ تحاجّه في وعود لم يُنفذها، أو مدرّب في دورة تتمتم بإجابات على أسئلته، وهي مُطأطئة رأسها إلى دفترها، إذا ما قال: “ذكية!” التفتت خلفها.
كادت هذه التدوينة أن تكون: في مديح مؤسسات العمل الخيري الكويتي.
أنت تعرف عملهم وتخبره -منذ حصالة (من يمسح دمعة هذا المسكين؟)، ولكنهم مازالوا يبهرونك في كل مرة، حتى لقد ظننتُ أنْ لو كان الإخلاص -بمعناه المهني لا الديني، فلسنا نزكي على الله- رجلاً، لوجدتَ له مكتباً في مؤسسات العمل الخيري الكويتي
ثم أن التغيير الذي تجريه في نفسك إنما يستديمه عندك شعورك بوجود أثر له يمتد -على الأرض وإلى السماء-، فالعامل حين يغرس فسائله أو يمد معاوله إنما يفعل ذلك لأجل مكانٍ لِما تُحدِثه يده في هذا العالم.
ويبقى درس الحياة: اغرس فسيلةً في يدك، وإن كنت لا تتطلب نباتها، وإن كانت في أرض بعيدة، أو في زمان لا يُضمن في مثله ثمر.
وضاحِك الغرباء، فالضحك يُزهر في قلوب المغتربين.
كان جدّاي كلاهما غواصاً، وكان جدّي لأبي (الذي فقد أخاه الوحيد في البحر) إذا سمع أغنيات البحر يرفع عصاه يتمايل طرباً لها، وكان جدي لأمي إذا سمعها سالت دموع عينيه، آلمته الذكرى وأشجته.
ممتنة لماء البحر في داخلي، تهبه نجد من يابستها فيستقيم طيناً، ممتنة للشراع يكشفك على الفضاء، وللهودج يواريك إلى الداخل.
أذكر أني -منذ نحو عَقدٍ من الزمان- مرّت بي دعاية ظريفة – لشركة مواصلات، تقول الدعاية:
”It is smarter to travel in groups”
والجدوى من السفر جماعات، كما توحي المقاطع الكرتونية في الدعاية، متعلقة بمواجهة الأخطار أو الجدوى الاقتصادية، أو -ربما- لشيء من هذا وذاك!
لفت نظري أن داراً مثل هذه اهتمت بترجمة هذا الكتاب ونشره -ولستُ أنتقد هذا من أي وجه، بل أسجل موقفي النفسي، الأول-. لفت نظري ذلك، من حيث أننا في علاقتنا مع الأم نحوطها دائماً بما ينزهها عن احتمال النقص والعيب من كل جهة.