مطعمٌ عربي صغير … في زاوية شارع رئيسي في وسط المدينة …
هذا شابٌّ عربي .. في يده حِرفةٌ وكتاب: غسان سُكّر
و”ختيار” شاميّ في منتصف العقد السابع … ورائحة خبز جدتي الشهي … تختلط برائحة العيد الكبير … لحمٌ ورزٌ ومرق … وأشياء أخرى لذيذه … لم تُخزّن في “الفريزر” ولم تمرّ على “المايكرويف” …
في الغربة … يحدث أن تكون طاولة في مطعم صغير قطعةً من الوطن …!
“أسماء” اختارت شطيرة فلافل وطعمية … وشاي مرمية … وأنا طلبت تبولة … ومنقوشة …
و”رناد” بنت أسماء -طفلة السادسة ربيبة بلاد الفرنج- لا يعجبها هذا المطعم … أصرّت أن نمرّ بـ”برجر كنج” لتشتري وجبة أطفال … وتذمرت بطريقة طفولية … تضرب الأرض بقدمها في كل خطوة من “برجر كنج” إلى مطعم “عمو أبو ياسر” …
ولولا أن “عمو أبو ياسر” يسمح لها باللعب في كمبيوتر المطعم … ويخصص طاولة وكراسات تلوين للصغار لـ حَرَفَت رناد مسارنا عن المطعم …!
يمكن للأطفال المتمردين أن يفعلوا ذلك …!
يرحب عمو أبوياسر … يسحب الكرسي لتجلس أسماء … يسأل عن تفاصيل فطيرتها .. يمدّ الفطيرة والشاي … وهو يدردش معنا … سألنا عن دراستنا … تخصص كل منا … موضوع البحث …
وكنت أجيب على سؤاله بأبسط صيغة: أدرس اللغة ..
وأسماء: أدرس التاريخ…
يحاورنا أكثر عن موضوع البحث تحديداً … والمرحلة التي وصلنا لها في البحث … نجيب … ويعلقّ تعليقا ثرياً …
يدعو رناد للتلوين … يزيل الأطباق الفارغة … يقرّب السكر لأسماء … وهو يتحدث عن مناهج البحث وعن الصعوبات التي قد يواجهها طالب عربي تلقى ثقافة أكاديمية مختلفة تماما في بلده …
ويعرض “الختيار” خدماته: بامكاني أن أساعدكم باقتراحات حول خطة البحث … الإطار النطري … اختيار المنهجية …
ويكمل الختيار بهدوء دون أن تتغير نبرته: أنا دكتور متخصص في العلوم السياسية درّستُ في هذه الجامعة عامين …
“يابنتي إزا مش متأكده من شي شغله اتصلي وقولي : عمو أبوياسر مزبوط هيك والا لأ؟
وبساعدك قد ما بقدر لأني مشغول بهاالمطعم … وعندي كمان بزنس تاني بياخد مني وقتي”..
مَن الذي أدخل المفهوم الخاطئ لثقافتنا: أن أصحاب المهن أقل درجة في السلم الاجتماعي… وأن المهنة دليل عوز؟
هذا شابٌّ عربي .. في يده حِرفةٌ وكتاب: غسان سُكّر
1 Comments
المهاجر
جميل جدا