سيؤذيك أن تُحجم عن الحب أكثر مما يؤذيك أن تتعرض له.
ذلك أن كل ألم من جهة وصل منطوٍ على محبة صادقة ومستحَقة هو ألم عافية. فإذا خُيّرتَ فاختر، دائماً، أن تكون في طريق محبة.
كانت إحدى الصديقات تقول أنها إذا صرخت في وجه طفلها أو علا صوتها عليه تقول له:
– آسفة ماما، ما كان لازم أفعل هذا.
– عادي ماما.
– لا ماما، مو عادي، أبداً أبداً موعادي.
كلنا يقضي وقتاً طويلا، طويل جداً، ومبالغ فيه أحياناً، على الموبايل. وأنت، في الحقيقة، لو تفحّصت، لوجدتَ أنك إنما تتحرى رسالة أو تتوقع رداً، حتى لو كان محتوى الرسالة بلا كلمات، مثل مشاهدة أو تفضيل، وحتى لو كان هذا لا يستبطن وصلاً حقيقياً.
كنتُ أقول لدلال أن جزءاً كبيراً من فهمك للتخلي يتحصل لك عبر تاريخك، وبهذا يكون تاريخك مكوّناً أساسياً لفهمك للتخلي؛ ذلك أن الدنيا مُصمّمة على الفوات ..
إننا نظر اليوم إلى التعاطف على أنه طريقة لتفهّم ما مرّ به شخص آخرٌ. ولكن الكلمة الإنجليزية ‘empathy‘ حين ظهرت، أول ما ظهرت، في عام 1908 ترجمةً للكلمة الألمانية Einfühlung، كانت تشير إلى قدرة جمالية على تقدير الأشياء والطبيعة. ما هي الصورة المتقدمة[1]، المُدهِشة، للتعاطف؟ وهل يمكننا اليوم أن نتصور التعاطفَ ممارسةً جماليةً؟
كنت إذا أجلس على طاولة مقهى في العاشرة من صباح يوم من نهاية الأسبوع، يأتي رجل مسن، يرتب الصينية على الطاولة لتتسع لكوبه هو وزوجته، ويجلس أو يدعوني لطاولته، ثم يعطيني رقم موبايله دون أن أطلب، ويرسل رسالة في صبيحة كل سبت: “سنكون في شرفة المقهى بعد ساعة، لا تتأخري”.
هوجم عالم النفس الإكلينيكي، الكندي، البروفيسور جوردن بيترسون لأسباب تتعلق بآرائه، ومنها أراؤه عن النسوية والمثلية الجنسية والأدوار الجندرية، والدين. شنت ضده صحف إنجليزية، وغير إنجليزيه حملاتها، بعد أن ظهر في مقابلتين تلفزيونيتين مع صحيفتين إنجليزيتين، حصدت المقابلتان مشاهدات عشرات الملايين (قد تكشف لك مشاهدة المقابلتين أو إحداهما صورة عن طبيعة “الصراع” وبعض مسبباته).
كنت أداوي العزلة بالتواصل.
في مارس، عندما بدأت الحياة تعود شيئاً فشيئاً إلى طبيعتها، أرسلتُ إلى ساره:
– سارون، أبي أتطوع معاكم، عطوني شي أسويه.
كنت أتوقع تكليفاً بعملٍ مكتبيّ، يتعلق، مثلا، بالتخطيط لمشاريع، أوصياغة أفكار، أو تطوير مواد.