Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

حوار الشيخ: كيف تُعدّ لحوار ناجح!

كنت أريد أن أرتب حواراً مع الشيخ، لا من أجل المعرفة وحدها، ولكن، أيضاً، لأن نشر المعرفة سيسعده.

منذ أكثر من عام جالت الفكرة في رأسي، اقترحتها على مقدمي برامج تلفزيونية حوارية، ثم قدمتها لمركز بحثي، مكثت الفكرة هناك أسابيع، ثم عادت لي ورقة أسئلتي كما هي، وأنت عندما تريد أن تفعل نشاطاً كهذا، إنما تريده من أجل أن تنقدح أفكار في عقول تتشاركها وتنميها.

على أية حال، قدمت ورقتي الوحيدة إلى أحد الزملاء، طلبت منه أن ينظر فيها، مكث يوماً ثم عاد بأسئلة قليلة جديدة، لزوايا لم ألتفت إليها، وبدت على الورقة خطوط رمادية، غير واضحة، تشي باستبعاد أسئلة.

طلبت منه أن يحاور الشيخ، جلسنا جلسة مع الشيخ وزوجه للإعداد للحوار، كانت الجلسة ثرية بقدر لا يقلّ عما أردنا أن نعدّ له، ندمت أني لم أحمل كاميرتي يومها.

في يوم تصوير اللقاء، في بيت العائلة، سبقني أبي -الله يحفظه- أعدّ القهوة بيده. وصل الشيخ وزوجه، وصلت الكاميرات قبل موعد وصولهما، تناولنا فطورنا في (أستديو التصوير)، يجب أن تؤاكل من تحاوره، هذا شيء أساسي. قدم أبي قهوة الشيخ بيده.

واحد، اتنين، تلاتة: بدأ الحوار.

بدأ المحاور بالسؤال الأول، ثم سؤال فرعي لم يكتب في الورق، ثم استرسال في إجابة عن سؤال منفرد، ثم فرع من المعرفة دقيق، ثم سؤال مهم عن اللغة في حياتنا.

كوب قهوة على طاولة جانبية برَد، وقناني ماء، فارغة وممتلئة، وفنجان قهوة (غير الكوب)، ومحاور مادّ جذعه إلى الشيخ كأنما يتهيأ لوثبة، وأوراق أسئلتي مطوية جانباً، وكاميراً والدي موجهة إلى حديث الشيخ،. مصور سحب كرسيه وجلس، والدكتورة زوج الشيخ تهمس إلي: لم أره في مثل هذا الاسترسال الأريحي من قبل.

صلاة الظهر، صحن فاكهة مقطعة، تمر، أكواب قهوة تدور، وبعضها يَبرُد قبل أن يُشرب.

صلاة العصر، تُفرش سجادة الصلاة، ويصلي الشيخ مأموماً.

نسحب كرسي الضيف خارجاً إلى حديقة المنزل، ويسحب المحاوِر كرسيه قُبالة الشيخ، وراء الكاميرا، زقزفة عصافير من بعيد، صوت (أبو حسن) بائع الآيسكريم في الخلفية: برييييييد بريييييييد، صوت هواء، وجهاز تكييف، وذبابة متطفلة، يؤتى بمضرب للذبابة، والشيخ والمحاور غائبان عن هذا كله.

شيخ الثمانين يبدو في حيوية شاب في العشرين، يسأله المحاور عن سر هذا، فيقول كلاماً عذباً، ثم ينشد:

وهُلك الفتى ألا يَراح إلى الندى

وألا يرى شيئاً عجيباً فيعجبا

تفف الكاميرا، أسأل المصور عن وضوح الصوت -مع وجود ضجيج في الخلفية -، يعود الشيخ والمحاور لينشدا البيت معاً، في مشهد خارج الكادر، على غير أبه بما تأبه به الكاميرا:

وهُلك الفتى ألا يَراح إلى الندى

وألا يرى شيئاً عجيباً فيعجبا


كنت أقلّب أوراقي، أتأكد من طرح الأسئلة على الضيف، بينما كان الضيف والمحاور قد مضيا في خط آخر تفرّعت منه أسئلة أخرى.

كان (الشغف) كلمة غير مستهلكة، قد حضر معناها في اللقاء.

تراخى المتن إلى الهامش، وصار المعنى الحي -الذي يؤجّل إلى الزوايا-  متناً.


إليك خطوات للإعداد لمقابلة حوارية ناجحة:

  • لا تبحث عن إعلامي، وابحث عمن له معرفة وشغف بالموضوع ليكون محاوراً.
  • اجلس جلسة إعداد مع الضيف، قبل موعد التسجيل بأيام، آكِل ضيفك، اجتمعوا على مائدة فيها طعام.
  • إذا أخذتك جلسة الإعداد إلى محاورات ثرية، من جنس الحوار، في المقابلة فسجّل جلسة الإعداد بكاميرتك، لكن اجعل الكاميرا في غير مرأى المتحاورين (مع استئذانهم مسبقاً). (أحضر شاحناً إضافياً وحامل كاميرا لجلسة الإعداد).
  • اطلب من المصور أن يزور مكان التصوير قبل موعد التصوير، ليرى الإضاءة الطبيعية ويختار الزوايا.
  • دع ضيفك يختار مظهره، لا توجهه إلى لباس رسمي.
  • أعد الكثير من القهوة، من النوع الذي يفضله الحاضرون، اجعلها حاضرة وقريبة، في قوارير تحفظ حرارتها، لأنها حتماً ستبرد على الطاولات الجانبية.
  • إذا أحسست بارتباك أو قلق، عبّر عن ذلك قبل التصوير، سيساعدك ضيفك على اجتيازه.
  • صوّر بكاميرتين، ومكرفونين، لا تتنازل عن هذا.
  • صوّر في مكان غير رسمي.
  • تساهل مع الأخطاء التي تحدث أثناء التصوير، سيحل المونتاج كل شيء تقريباً.
  • لا تتقيد بترتيب الأسئلة، دعها جارية كما أُريدَ لها.
  • اطلب من المصور مسبقاً ألا يقطع استرسال محدثك مهما حدث، ما أمكن ذلك.
  • صوّر أجواء المكان، والكراكيب خلف الكاميرا، استعن بصديق ليفعل ذلك، لأن مصوّرك سيكون مشغولاً.
  • وإذا كنتَ مُعِدّاً فانتعل، في يوم التصوير، حذاءً رياضياً، سيبدو الأمر كأنه سِباقُ عَدْوٍ.
  • قدم محتواك لمنصة يمكنها أن توصل العمل للمهتمين، وتتميز بالمرونة، وتعتني بجودة المضمون، وتربّي الأفكار وتنميها.
  • انشر حوارك مكتوباً ومرئياً مسموعاً.
  • في الأجزاء التي فيها أخطاء تقنية، احرص على نشر المضمون بأي صورة كانت، ولا تهمل محتوى من أجل شكل.

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية، تصلك آخر التدوينات.

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates