الكاتب: صفاء العمودي
حصيلة معلوماتنا الكثيرة والمتنوعة التي تلهمنا، أسلوب حياتنا، ونمط تفكيرنا، وتأدية أعمالنا، وذائقتنا الفنية كُلّ ذلك بعضٌ من صور الثقافة التي امتدّت لتشمل أدق تفاصيل الحياة : اللباس، الطعام، الشراب، التداوي وحتى العادات الاجتماعية والعمارة والموسيقى والفنون !
بل إن الثقافة -وعلى مدار التاريخ الإنساني- كانت أكبر من أن يتفق علماء الأنثروبولوجيا والفلاسفة والمفكرون على معنى وحيد، أصيل، حقيقي وثابت لها ، كلهم كان ينظر إليها من منظوره، وبقيت “الثقافة” كلمة فريدة بلا مرادف وحيد، عصية على الحصر، متمردة على كل قيد .. فضفاضة واسعة تتسع للجميع !
تبدو في جمالها وكأنها دعوة مفتوحة للانطلاق في مدارج الحياة ومعارجها !
فكيف لواحدٍ منا أن يجعل الثقافة باتساعها في حدود دائرته، يحيط نفسه بها، يدني إليها من شاء وينفي عنها من شاء ثم يتسمى باسمها .. إلا أن ينتسب لها انتساب المقر بجهله والمعترف بنقص إدراكه لكنهها بالكلية .. فادعاء العلم المطلق جهل مطلق .
حقًا إنني لا أجد شيئًا أقسى من الوصاية على العالم باسم الثقافة ذلك التصرف يثير اشمئزازي فليس من الإنصاف أبدًا استعمال تلك المقولة الباهتة : لكي تصبح مثقفًا عليك أن تقرأ كذا وتفعل كذا … ونبدأ بسرد قائمة مملة نفصّل للآخر مقاساً لثقافته وكأننا نلزمه ببصمتنا لكي يلج إلى دوائرنا ونمنحه شرف لقب (المثقف) .. ذلك أشبه بالاستنساخ منه بتعددية الثقافة وروعة أطيافها المختلفة ..
حسنًا .. لا تكن مثقفًا وتقرأ وتفعل ما يمليه العالم عليك، لا تلزم نفسك بخطط الآخرين وتوجهاتهم وأفكارهم .. عش الحياة بدهشتها وشق طريقك الخاص فيها لا تجلس على كراسي التلقين ولا تمكث في صفوف الانتظار ..
يكفي أن تجد شغفك لتصنع به ثقافة جديدة !
أرجوك لا تكن مثقفًا .. بل كن أنت ..!
4 Comments
نوف طلال الفلاح
مقالة رائعة
صفاء العمودي
شكرًا لك حصة أن زدتِ المقالة قراءً متفهمين..
أسعدني أن حظيت المقالة بوقتك وقراءتك نوف : )
عادل سلطان
وكم وددت لو أن مثل هذه المفاهيم غرست منذ الصغر في عقول ابناءنا وبناتنا..
فالتلون هنا والتركيز عن المظهر عوضا عن الجوهر أصبح مشكلتنا الكبرى..
وبالفعل كن كما أنت..
رائع صفاء.
صفاء العمودي
ملحظ مهم ..
التنشئة على القيم الحقيقية يستلزم تصحيح المفاهيم وإشاعتها على. نطاق المربين والمربيات بالدرجة الأولى..
فكرة تستحق الإشادة.. شكرا لك عادل.