الكاتب: عنان الصبيحي
أؤمن بأن كل إنسان يحب أن يساعد الآخرين .. لكن ليس هذا هو الأمر الصعب، إنما الصعب هو (كيف ؟) ..
هذه الحروف الثلاثة في كلمة (كيف) قد أخّرتني.. وأخّرتْ -لسنوات- الكثيرين ممن يقرؤن هذه التدوينة ..!
وحين حدثت كارثة سوريا جاءت الفرصة.. وقُلْتُ: إن لم أساعد الآن فمتى ؟
حينها لم أكن أملك إلا عائلتي، فطرحتُ عليهم فكرة المساعدة ..
و انطلقنا بقافلة إغاثية عائليه شاركَنا فيها الأصدقاء ..
وسرعان ما تحولتْ القافلة في أشهر بسيطة إلى (فريق إنساني) : الفريق الكويتي للمبادرات الإنسانيه .. الفريق الذي نظّم سبع رحلات مختلفة بهدف تقديم للدعم المعنوي والمادي..
تركيزنا فيه مُنصَبٌ على القضية الإنسانية الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن: القضية السورية ..
أنجز الفريق مشروع مدارس (إنساني)، وقد استفاد من هذا المشروع أكثر من ألف طفل في أقل من خمسة أشهر..
هذه المدارس يُؤسسها و يُدَرّس فيها شباب و شابات الكويت وهي مدارس تركز على غرس القيم و الأخلاق و تقديم الدعم التربوي و النفسي ..
فريق (إنساني) يؤمن بأن لكل إنسان الحق في أن يعيش سعيداً .. وعلينا مساعدة الجميع لبلوغ هذا الهدف، ولذلك قررنا أن تكون رسالتنا في كلمتين فقط:
“نحن معكم ” …
فمهما كانت الظروف .. لستم وحدكم ..
يقول أحد المشاركين في رحلة الأردن ( مدرسة إنساني الثانية ) :
“كنت مشرفاً على مجموعة من الأطفال، و في وقت الإفطار جلستُ بين ثلاثة طلبة أعمارهم لا تتجاوز السنوات العشر، و عندما فَرَغ أحدهم من تناول طعامه أخذ أكياس البلاستيك وجمع الفطائر الزائدة ووضعها في حقيبته ..!
فقلت له: “سنعطيكم غيرها غداً، لا تقلق ..”
فقال: “بدّي خلّي الأكل معي بَركي حدا جاع من مجموعتنا أعطيه “..
بالفعل، فقد أدهشتنا قدرة الأطفال على تحمل المسوولية رغم صغر سنهم !
قال مشارك آخر: في يوم الحفل الختامي سلّمت على أصغر طفل في مجموعتي، فسألني: “وين بدّك تروح؟”
فرددت عليه بأني راجع إلى بلدي، فقال لي جملة لم أستطع أن أتفوّه بأي كلمة بعدها:
“أنا ما عندي بلد .. خربّوا بلدي” ..
هذه هي المفارقة العجيبة .. أن تعيش مع الأطفال و الأمهات و تبني علاقة جميلة معهم، تستفيد منهم قبل أن يستفيدوا منك..
و هذه التجربة تختلف اختلافاً تاماً عن شعور تقديم التبرعات العينيه لهم.. فالمال ينتهي لكن الكلمه الطيبه باقيه في قلوبهم وعقولهم ..
(ألم تركيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجره طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء) ..
قصه أخيرة أختم بها:
قالت إحدى المشاركات: “سألت إحدى الفتيات -وكانت تبلغ من العمر ١٣ عاماً-:
” هل استمتعت و استفدت من المدرسة التي أقمناها لكم؟ “
فكان جوابها: “ما توقعت بدو يصير شي يخليني أبتسم غير تحرير سوريا.. لكن مدرسة (إنساني) زرعت الفرحة فيني وبكل الصبايا و الأطفال قبل ما نشوف سوريا مرة تانية ..”
عندما يصاب الأطفال بأمراض الجرب و الحروق من الشمس .. عندما يتمنى أهالي حمص حبة خيار واحدة …عندما تكون أقصى أمنيات الأمهات في المخيمات كأس ماء بارد .. عندما تبتر الأرجل من قبل متطوعين لعدم توافر كادر طبي .. عندما يفتى لأهل أحد المخيمات بالإفطار في رمضان من شدة الحر و العطش .. عندما تصرخ المرأة الحامل وتقف عند أعتاب المستشفى لكن لا يوجد مكان لتوليدها ..
كل هذه مشاهد رأيناها و سمعناها بأنفسنا..
كلها ستجعل سؤال (كيف؟) عندي و عندكم يتحول في لحظات إلى عمل.. لكنه من أسعد الأعمال على قلبك ..
أقدم شكري لفريق و متطوعي (إنساني) من كل الدول .. و أقول لهم: أنتم المستقبل .. وأدعو الجميع للمشاركة معنا.
Website:
www.insani-kw.org
Twtr & instagram
insani_kw@
13 Comments
عبدالرحمن المطوع
فكرة رائدة وراقية وعمل إنساني عمل جبار .. الله يعطيهم العافية والله رفعوا راس الكويتيات في العالم
Danaalmutawaa
يفخر المجتمع بامثالكم ، فكرة مميزة وعمل عظيم ، في ميزان اعمالكم .
يمني حر
همم مثل هذه محال أن تهدأ وعلى وجه البسيطة محتاج مظلوم مقهور مشرد مريض
بارك الله هذه الجهود وأجزل الله لكن المثوبة.
حصة
من الأسئلة اللهفى.. يبدأ طريق الوصول ..
ومن الألام الصادقة .. يَنْفَذُ النور..
و”ما أحوجَ الدنيا لـ شيءٍ من حنان ” .. يا عنان ..!
شكراً لإصرارك على الكتابة .. في الطائرة ورغم السفر.. فجاءت كلماتك سماء ..!
عالية العبدالغني
لنا الفخر انكم من الكويت وبها نشأتم تعودنا انكم دوماً تصنعون البسمة علي وجوه الآخرين وتمنحونهم سعادة افتقدوها منذ زمن
بوركتم وبوركت جهودكم
غالية احمد علي الجحدري
انا من اليمن يسرني الانضمام إليكم
ابن علوان
وأنا أتجهز لأخلد للقيلولة هذا اليوم ، كانت الأخبار تتوارد عن زلزال يضرب إيران ويصل أثره إلى الخليج.. عن فنادق وأبراج دبي التي أخلت ساكنيها.. عن هزة وصلت الكويت..
وكان علي أن أبقى يقظًا ، إنها هزة أرضية حيث الخراب والدمار والموت..
لكن النوم تسلل كعادته وقورًا لم يفزعه أيٌ من هذه الأخبار… قال لي بسكينة ناسك موصول : نم يا رفيقي فأنت في بلد محروسة بخير أبنائها ، فتبسمت لأستيقظ قبيل صلاة العصر وما ثم إلا الخير يحرس هذا البلد الطيب ويصارع ضربات الأقدار..
هكذا الأمر إذًا.. بهذه البساطة ، “وشو بدي إحكي لأحكي” عن سطور الخير والنفع للإنسانية التي خطها أبناء هذا البلد الصغير في سفر دفتاه المشرق والمغرب ..
لقد كان لي شرف الاطلاع على تجربة فريق مثل هذا أسسته صاحبة هذه المدونة .. فريق “مزون” وشعاره “كالغيث نكون” ، كان يعنى بأبناء الأسرى الفلسطينيين ولم تكن سورية حينها تبكي ، لكنها اليوم تبكي وأكف أخوات عنان يكفكفن دمعها الهتون..
أنا فخور بكن بنيات ديني… حتى الينابيع!
تسنيم
(اخنقتني العبره)..
كلمات إنسانية في زمن مادي متعب..
وصلت الرسالة يا عنان..
شكرًا..
تسنيم بنت الكويت
عمل رائع بوركت جهودكم
غرس التطوع والعمل الانساني في الأبناء منذ الصغر
وهكذا تربت عنان وفتيات الكويت
بارك الله فيك وفي عائلتك
أحمد الإبراهيم
عمل تطوعي إنساني رائع , الله يجزيج الخير عليه, و الله يقدرنا على مساعدة الآخرين إنطلاقا من قول الرسول صلى الله عليه و سلم:( “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،، ومن فرج عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة” (أخرجه البخاري ومسلم).)
أقترح أن تطرحوا على القراء و المتابعين عدة أفكار أو بدائل للمساهمة بهذا المشروع
شذى
كلمات جدا مؤثرة و تلامس القلب .. بارك الله في جهودكم يا فريق انساني
عمار
الله يعطيك العافية
عمار
أنا أحد الشباب المشاركين في مدارس {إنساني}أحيكم بتحية طيبة وأقول لكم إن كان شعاركم {نحن معكم} نقول لكم {أنتم في قلوبنا} لقد نجحتم في إدخال البسمة إلى قلوبنا الحزينة أسعدكم الله في حياتكم وجزاكم الله عنا كل خير وأخيرا أقول لكم لن ننساكم {الكلمة الطيبة ٠٠٠صدقة}