Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

(هل رآني أحد؟)



رابط قصص الأطفال التي تكتبها تسنيم

الكاتب: تسنيم السند

كنا نتجه نحو السيارة.. كانت ابنتي تحكي لي عن مشاجرة حدثت لها.. أخَذَتْ تَصِف بحرقة وغضب ماذا فعلت لها فلانة:

– ماما لقد جاءت تتحدى وتكلمني بطريقة شديدة ثم سحبت ذراعي هكذا!! وأخذت تدفعني هكذا!!

وسحبت ابنتي ذراعي بقوة وأخذت ترُجّه وتشدّه وهي تكرر:

– “ماما أرأيت ؟؟؟ فعَلَت لي هذا!!”

كل ما كان في ذهني هو إبعاد يدها أولاً عن ذراعي، والتأكد ثانياً أن لاأحد لاحظ!!! لأن من لم يسمعها سيظن أنها تضربني!!!

لاحظتُ أن مُعلمّتين قد خرجتا من المدرسة للتو وشاهدتا الموقف وتظاهرتا بأنهما لم تريا شيئاً!!!!

أخذَتْ ابنتي تسترسل وتكمل بقية الأحداث، بينما كنت أغوص في حالة من الإحراج، ومليون جملة وجملة كانت في ذهني..

كنت أريد التوجه نحو المدرسات لأخبرهن بأن ابنتي لم تضرب أو تتجرأ على أمها قط .. وأنها كانت تُمثّل فقط.. كنت أريد أن أبرر وأبرر..كنت أريد ان ألوم ابنتي لماذا هذه التمثيلية!!! كنت وكنت..

كلُّ ما فعلتُه هو أنني أسرعت وأسرعت لأحرك السيارة وأنطلق ..

طوال الطريق المزدحم إلى المنزل كنت أفكر بعدد المرات التي أصدرت فيها أحكاماً على أمهات أو أباء فقدوا سيطرتهم على أحد أبنائهم وقلت في نفسي -حينها-:

“يجب أن يعرفوا كيف يتعاملون بشكل افضل!! ليست هذه هي الطريقة المثلى!” .. لكنني لم ألتمس لهم أي عذر.

رأيتُ مرةً أمّاً تضرب ولدها بقسوة في أحد المجمعات، وتأثرت كثيراً ولُمْتُها كثيراً لكنني لم أجرؤ على الإقتراب.. بعد تلك الحادثة بأيام قابلتُ إحدى التربويات وتحاونا حول مواضيع شتى، فذكرت لها ذلك الموقف وأخذتُ انتقد الأم بشدة، فأجابت التربوية:

– أتعلمين ما أفكر فيه، انا أفكر ما هي الضغوطات التي جعلتها تتصرف هكذا مع طفلها!!!!

إصدار الأحكام.. هذا هو الأمر.. فنحن نتسرع ونصدرها إما لجهلنا لكل الحيثيات.. أو لعجزنا عن الفهم.. أو حتى لتلميع أنفسنا على حساب أخطاء الآخرين!!!

كلما قيدنا الناس بأحكامنا زادت قيودنا حول أنفسنا.. لا أقصد هنا الأحكام الدينية الواضحة أو الأعراف الجميلة السائدة، ما أقصده هنا أحكامنا الفردية الخاصة القابلة للخطأ والصحة..

فكم من مرة وألف مرة غيبنا ديننا وعقولنا لنستسلم لما يظنه الآخرون.. فلا نحن كسبنا تقبلهم ولا نحن فهمنا أنفسنا..

خوفي مما يظنه الآخرون أجبرني على شراء ألعاب الكترونية لأبنائي لست مقتنعة بها.. خوفي مما يعتقده الآخرون جعلني أتسرع في تدريب ابنتي على الحمام (أجلّكم الله) في فترة لم تكن هي كطفلة قادرة على اكتساب الخبرة .. خوفي مما يعتقده الآخرون جعلني ألبس الكعب لأبدو أطول على حساب عمودي الفقري.. خوفي مما يظنه الآخرون منعني مسح دمعة ابنتي ذلك اليوم وهي تشرح لي كيف آذتها زميلتها!!!

أن نتفق على الطريقة المثلى لفعل أي شيئ مستحيل.. أن نختلف تلك هي السنة الكونية ..
لِنرسمْ خطوطاً نصوغها من الدين والأعراف الجميلة.. خطوط تحدد لنا السبيل ولا تحد نظرتنا..
ولْنُرَبِّ أبناءنا ليسير كلٌ منهم في هذا السبيل وفق طريقته وبَصْمَته وإن كانت مختلفة..ففي النهاية ستلتقي ملايين السبل معا..
ولْنتبادل الخبرات والحكايا.. نأخذ منها ما نريد ونترك ما نرفض.. ونسير ونحن نتربى مع أبنائنا كل يوم..

2 Comments

  • حصة
    Posted 17 نوفمبر, 2012 at 12:04 م

    حسناً تسنيم، لن أكتب لك هذه المرة .. سأكتب عنكِ:

    هذه الكاتبة خريجة إعلام، أم لثلاثة أطفال، قاصّة مهتمة بالأطفال، رسّامة … وصديقتي : )

    صاحبة مشروع (قصتي) للأطفال: وهو عبارة تطبيق على الآيفون؛ قصص تربوية للصغار يتصفحها الطفل بنفسه …
    قال لي عنها أحمداني (ولد أختي) : “خالتي حصة هذه تقريباً أحلى قصص عربية قرأتها”

  • Anfal alkhalaf
    Posted 17 نوفمبر, 2012 at 5:55 م

    واقعي جدا… وجميل صح دايما نحاول نضغط علي انفسنا وعيالنا واسرتنا في سبيل ارضاء الناس ونظرتهم لنا وهالشي يتعبنا نفسيا ويسبب الضغط علينا وبالتالي يأثر ع عيالنا ونفسياتهم

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية، تصلك آخر التدوينات.

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates