وما يسميه القراء (أسلوبي في الكتابة)، ويدعوه المستمعون (طريقتي في الإلقاء) شيء مَنَّ الله به عليَّ لا أعرفه لنفسي، لا أعرف إلَّا أني أكتب حين أكتب، وأتكلم حين أتكلم، منطلقًا على سجيتي وطبعي، لا أتعمد في الكتابة إثبات كلمة دون كلمة، ولا سلوك طريق دون طريق، ولا أتكلَّف في الإلقاء رنّةً في صوتي، ولا تصنُّعًا في مخارج حروفي.
علي الطنطاوي*
كتب الشيخ (الذكريات) في سبعة أجزاء، قرأناها في عمر المدرسة، ولا أذكر أن شيئاً استعصى على أفهامنا منها. كتبَ فيها عن دمشق، وعن الجامع الأموي، وعن نجد وعن الحياة في مكة، وعن بنان وعن أخواتها، وكتبَ نظرات في القانون، وآراء في الحياة الاجتماعية، ومواقف في التربية، فهي مفيدة حيثما نظرت فيها، وعلى أي قصد أردت منها.
إذا ما أردت أن تكتب شيئاً من ذكرياتك -أو مذكراتك، وتنشرها -أو تشاركها- بأي صيغة (في الفضاء الإلكتروني أو على الورق)، فإليك بعض الاقتراحات :
- اكتب مواقف الطفولة التي ساهمت في صياغة تصوراتك، أو تشكيل رؤيتك للعالم.
- سجّل الأحداث -المهمة- التي عاصرتها، مهما كنت صغيرا؛ ذاكرة شعورك وشعور من حولك، أو الأجواء المحيطة بالحدث (لا يُتطلّب هنا توثيق، إنما حفظ ذاكرة الشعور)
- اكتب عن عظماء أو نابِلين قابلتهم، معروفين أو غير معروفين، اكتب عما جعلهم عظماء عندك، عن الفعل لا عن الشخص.
- مواقف تربوية زرعت فيك قيمة، أو علّمتك شيئاً.
- الطرق التي انكشفتَ فيها على المعرفة، مصادر تَلَقّيكَ الأولى (صوت جدّتك؟ لسان المعلّم أو يده؟ صديق وارى ذنبك الأول؟ ..)
- كيف تشكّلتْ أطباعك؟ (من مجلس جدك؟ صرامة والدتك؟ بيت أخيك الكبير، شيخ أو معلّم، ناصحٌ مؤتَمن ..)
- اكتب وجهة نظرك في الأشياء، تصوراتك عنها، وهنا عليك أن تكون أميناً (لستَ في حاجة إلى أن تُبهِر أحداً).
- مواقف اجتماعية توثق مرحلة تاريخية، وتعكس تحولات مرّت على المجتمع أو الحياة (مع مرور الأيام، يتغيّر ما يعجب الناس، أو ما يُزعجهم، أو ما يعدّونه من صميم حياتهم الاجتماعية؛ ما الذي تغّير؟ ما الذي أَضعناه؟).
- اروِ تجارب الإخفاق التي كان لها أثر أو معنى في تجربتك، أو حملتْ لك في رحمها بذور النوال والحكم، قلَّ أن يأتي منْعٌ أو امتحان إلا وتأتي معه أرزاقٌ وعطايا، اكتب عن هذا، إن أردتَ، يحب الناس البشائر (لكن لا ينفعك أن تروي ضعفاً خالصاً، أو تبثَّ حزناً محضاً).
- واكتب دون قارئ متخيَّل، وبلا ثقل التوقعات، وليس عليك أن تنشر إلا متى أردت، وفي نطاق تختاره.
- حدّث صديقاً بفكرتك، اعرضها عليه وحاوره بها، ستجد أنك إذا حدّثت صديقاً مهتماً تترتب الأفكار في ذهنك ويساعدك هذا في صياغتها خطاً.
افعل هذا أو بعضه، ستنتج لك تجاربك في الكتابة اقتراحات أخرى، وستَهدي الأوراقُ القلمَ إلى الطريق، سيؤتيك المِران هداياه إن دأبت.
رفّ:
- يتكلم هنا عبدالله الوهيبي عن الكتابة؛ أهميتها، دوافعها، علاقتها بالمشافهة (مقطع صوتي قصير).
- كتيب (الارتقاء بالكتابة).
- هنا تذكر هيفاء القحطاني عن تجربة الكاتب جيمي تود روبين في التدوين اليومي ٣٧٣ يوماً دون انقطاع.
- كتيب (On Writing Well)، وهنا مُلخّص صوتي له.
- (Save The Cat) عن الكتابة الروائية والسينمائة والتلفزيونية.
هامش:
* (من مقال: (بعد الخمسين) نُشر عام 1959).