Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

مُدَّ رحابتك إلى أقصاها، مرِّن عضلات روحك!

مُدّ رحابتك إلى أقصاها، تَصبّر، تجمَّل، هذا الصبر الذي تبذره في نفسك، تنبت به فضائلك، وتورِق به سجاياك. ولا تندم على خيرٍ صنعته لم تُجز بمثله، فإنما تبتذر الخير لنفسك، تنتزع بتكلّفه شوك أطباعك وتهذّب به نوازعك، وبذور هذا تتنبت في رحم طينتك. تلك هي الوِجهة، فدَعْكَ من الهوامش ومن غبار تجده على جانبي الطريق.

هذا ليسخيراً مُلقىً في البحر، ولا طيباً ضائعاً، هذه التجارب حقول مِران للنفس على التزام الفضائل، ونفسك هي راحلتك ورفيقك وطريقك، تَنزِع شوكها وتُمهِّد وعرها، ويجعل اللهُ لك من التجارب ما يُهيِّئ لك دُربة روحك، ويقوي استعداد نفسك لتخرج أفضل ما عندك في عبور رحلة الحياة.

واستثمر من المواقف ما ينمو به عقلك وروحك: راقب تجاربك بوعي، وعدّل بوصلة عطائك، افحص حقول تجاربك، لا تبذر في كل أرض، وتخيّر من التربة رحماً جديراً بالزرع، ففي طينة الحقول ما يُغني عن كثبان الرمال، والأرض الولود جديرة بالثمر، ولسنا نَبذُر للطير وإنما لحدائق غِنىً، وغصنٍ يستحيل جذعاً، ثم يكون له ظِلٌّ وثمر، وأثرٌ يمتدّ في الأرض ويتطاول إلى السماء


زاوية:

كان أبي يُعلّق أبياتاً من قصائد الحِكم على باب الصالة، ويرصد مكافأة لِمن يحفظ قَدْراً منها، كان يفعل ذلك أيام الغزو -حين كان جُلُّ انشغال الناس بأساسيات احتياجات أطفالهم-، كان يُحفِّظنا أبيات الحِكم والأخلاق. كنا نلعب في الصالة، ثم نتوقف، نمدّ أعناقنا إلى الورقة المقوّاة المعلّقة على الباب لنكرِّر الأبيات، وكان إذا رأى انشغالنا عنها أياماً، يُذكِّرنا – عند خروجه أو عودته- بالمكافأة المخصصة لمن يحفظها.

ومبّكراً يتشكّل في وعي طفلٍ نبيه -يستمع إلى هذه الأبيات أو يُرددها- أن الفضائل مرتبطة بإرخاء قبضة اليد والنفس عن تحصيل “الأشياء”، واللاجدوى من الركض في حياةٍ نهايتها فِراشٌ أبيض، ويدٌ مُرتخية لا تقبِض على شيء، وأحبة سيجتمعون يوماً عند الله، لهم في جنّته ما يريدون ويحبون، بلا حدٍّ ولا نهاية.

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية، تصلك آخر التدوينات.

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates