Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

عن فهم التخلي، وعن الانعتاق

كنتُ أقول لدلال أن جزءاً كبيراً من فهمك للتخلي يتحصل لك عبر تاريخك، وبهذا يكون تاريخك مكوّناً أساسياً في فهمك للتخلي؛ ذلك أن الدنيا مُصمَّمة على الفوات (أساساً لمعنى الخلود المؤجل)، فبقَدْر مرور الأيام يتكرر الفواتُ تجربةً جديدةً في كل مرة، وبهذا ينسكب التخلي فيك ممارسة ضرورية، لا يمكن تجنّبها، بِقدْر ألمها معناها.

الأمر الثاني أن الأشياء بِقَدْر ما اتّخذتها هويةً يشُقّ عليك التخلي عنها؛ إنجازاتك، أشياؤك، أرزاقك ومواهبك إن كنتَ تُعرِّف نفسك بها، أو تَعْرِف نفسك بها فأنت تستبطنها هويةً، فلا يمكنك إدراك التخلّي إلا بإدراك أنها أوعيةٌ -(forms) بتعبير إيكهارت-، تأتي على قَدَرٍ وتزول، ولنا من الأشياء ما وراء الأشياء من المعاني.


انعتاق من محاولات صدّ الألم، من محاولة فهم الأرزاق، ضَبْطها بقوانين العقل .

من مقاومة الفوات، ومن جهد اللَحاق. من محاولات تعديل الصور والمواقف في سجّل الأحداث.

انعتاق من الطيور التي طارت في معدتك زمناً -أو الفراشات-، ثم انكسر جناحها أو جُرح ساقها، وأورَثك هذا سكوناً في عزمك أوحتى فهمك لما تريد.

انعتاق من المزاحمة على الوصول، ومن مسابقة أميال الطريق، وعقارب الانتظار. انعتاق من كل قيد، ومن خوف الفوات ..
“في الله عِوَضٌ عن كل ذاهِب”. عن كل ذاهب مطلقاً […] حتى الطاعة إن فاتتك فإن في الله عِوض عنها.
— الحبيب عمر بن حفيط  

معنى⁩ الحياة يكشف ذاته في ممارسة الحياة

— هانز سلوجا

 

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية، تصلك آخر التدوينات.

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates