Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

سوق المباركية …!

ما أجمل أصدقاء الدراسة … مهما غبنا عنهم يسجلوننا حضورا في القلوب … مهما تباعدت لقاءاتنا … نكمل “سوالف” الأمس … نتذكر أدق تفاصيلها … من هذا النوع كانت “نوف” …! لازلت تتصل بي على هاتف البيت … تماماً كما كانت تفعل من “أولى جامعة” … لا تحب أن أكلمها وأنا أمشي على عجل … أو أشتري وأدفع وهي على الخط …! عرفتها في الجامعة …لم تكن محجبة حينها … ومنذ ذلك الحين أصبحنا صديقتين … مكالماتٌ عجلى … مشاوير خاطفة … وزياراتٌ معدودة … كانت كافية لأن تكون نوف من أعز صديقاتي … سافرنا معاً في رحلة العمرة لاتحاد الطلبة حين كنتُ من منظميها … هذه هي نوف … لم تتغير من أولى جامعة … صراحتها … صدقها … التزامها مع نفسها … ومحافظتها على هذه الصداقة … في صندوق الأشياء الثمينة … لا تكف عن التواصل … وعن التذمر معاً … على انشغالي … واهتماماتي …التي لا تروق لها أحياناً … كم نحتاج أن نصادق الذين يختلفون عنا … أولئم الذين يقفون على الرصيف الآخر … حتى نرى أنفسنا في مرآة أخرى … حتى نسمع النقد الصادق … ونضيف لحياتنا ضجيجاً محبب …! أولئك الذين يختلفون عنا … يمنحوننا فُرصاً لأنْ نضيفُ لهم … ويضيفون لنا … أشياءً صغيرة … تُخبّئ في تفاصيلها معنى الحياة الكبير …!


– “الحمد لله ع السلامة … نوّرَت الديرة …” ما أجملك نوف …! تحفظين مواعيد سفري ووصولي …! وندهب معا لـ”المباركية” أسواق الكويت التراثية … هذه البقعة من الوطن … التي تشبه الوطن فعلاً … مخلصة لأدق تفاصيله …! دكاكين متراصّة … ثيابٌ شعبية … شايٌ في ابريق قديم … دوانية للرعيل الأول … سدو … وأشياءٌ أخرى فيها رائحة البحر والسفينة …! أسواقٌها … ليست اكلمجمعات التجارية العملاقة …التي يُدفن البحر من أجل أن تُقام على أشلائه …! مَن يَدفن البحر … يَخنق الوطن …! حتى الأكل في مطاعم “المباركية” الصغيرة ألذّ … وأتذكر بعض الوجوه في “إكستر” … – إذا زاروا الكويت … سأصحبهم لهذا المكان الجميل … حتماً سيروق لهم …! منهم سيدة أمريكية الأصل … التقيتها في الباص وأبدت لي اهتمامها بالثقافة الإسلامية … وأنها تحتفظ في بيتها ببعض التحف الإسلامية التي أهديتْ لها من بعض الأصدقاء العرب … وتحفظ موعد رمضان من كل عام … وَعَدْتُها حينها أني إن عدتُ للوطن سأجلب لها شيئاً مما تحب … وتبادلنا رقم الهاتف والإيميل … اشتريت لها ثوباً مطرّزا جميل … وأردتُ أن أشري لها سجّادة صلاة … من النوع المنقوش بعناية الذي يصلح أن يكون لوحة فنية …! لكن نوف اعترضت…! : “ستأكل على السجادة … أو تفرشها في المنزل تطؤها بقدمها …!” نوف منذ عرفتها … وهي تحتفظ بحقيبة أنيقة فيها ثوب صلاة وسجادة في المقعد الخلفي في سيارتها … وإذا انبعث صوت الأذان من هاتفها … فكأنها لا تعرف أحداً … لا تسمع … لا ترى لا تتكلم حتى تصلي …! رأيتُ ذلك بعينيّ … حتى صلاة العشاء التي فيها سعة …! – “أهديها نسخة من ترجمة معاني القرآن بدلاً من السجادة” -قالت نوف-.
وهدية أخرى … لجارتنا التي تقعُ على بُعد ثلاث شقق … في نفس الدور … فتاةٌ في الثلاثينيات … تسكن مع صديقها … وتعرض خدماتها في كل مرة … استعنتُ بها مرّةً … في حدثٍ طارئٍ ذات مساء … حين كان الجيران الأقرب لا يجيبون طرَقاتي على أبوابهم … لم أكن أرها قبل هذا المساء …! وفي بعدها بأيام … قُبيل عودتي للكويت أَلْقَتْ “إلين” من فتحة باب الشقة المخصصة للبريد …بطاقة كتبتْ فيها: “عزيزتي حصة … سعدتُ بمعرفتك … وسأكون سعيدة بخدمتك Merry Christmas وإجازة سعيدة في ربوع الوطن المخلصة إلين”
وثوبٌ بُنيّ مخملي مطرّز بألوانٍ زاهية يليق بمارجريت وسنواتها السبعين … جارتنا في البيت القديم … مررت عليها في طريق العودة للمنزل … وهي تسقي زهور حديقتها … حييتها على عجل … وابتسمتُ مجاملةً … فاستوقفتني … وحاولت أن تعرفني بالمدينة إذ أنا حديثة عهدٍ بها … دعتني بحماس لشرب كوب شاي في منزلها … وأرسلَتْ بطاقة دعوة … لم أُجبْ دعوتها … لكني وعدتُ أن أفعل …
و”صوغة” ثالثة لـ سموني … برازيلية أسلمت منذُ ست سنوات … واتّبعها زوجها بعد ثلاث سنوات من إسلامها … لها قصةٌ مع الإسلام عجيبة … يكفي منها أنْ كان سبب اسلامها … صديقَ صديقتها البرازيلية … مغربيٌّ مُسلم … لا يمارس من الإسلام شيئاً … ولكنه يُعظّم شعائره …!
وتسأل نوف وهي تحمل معي أكياس التسوق: “هذا كل شيء ؟ …. ديري بالك لا تنسين أحد … متأكدة من مقاس الثياب ؟ تذكري أن الخطوط الجوية البريطانية لا تسمح بزيادة وزن حقيبة السفر عن 23 كيلو … :)”

أضِف تعليقاً

اشترك في القائمة البريدية، تصلك آخر التدوينات.

Sign Up to Our Newsletter

Be the first to know the latest updates