كان أحلى ما في أيامنا الجلسات مع صديقات الصور، التي أخذْنها على غفلة، الدموع التي سالت في مكان عامٍ، بلا أَبَهٍ بالحاضرين. ولازال في طاولات المقاهي مُتسع، وفي الوقت فسحة، وفي الأحباب بقية، وفي القلب كلام.
مازال في الزمن -رغم كل شيء يحدث حولنا- فُرجةٌ ينفذ منها فرح حقيقي وعميق، وحب نافذ يغيّر رؤيتك للعالم، وهذا كل ما تحتاجه، إذ لستَ تحتاج أن تغيّر العالم، إلا في قلبك.
لست بحاجة إلى مشاريع لا يمهلك هذا العالم المجنون لإنفاذها، يكفيك من مشاريعك جلسة مع صديق، تبثّه موقفك الشعوري الأخلاقي مما يحدث، إنسانيتك التي لم تغلبها وعثاء العالم، وكتابٌ تصقل فيه رؤيتك للعالم، بلا زيفٍ مِن لغةٍ ولا خداعٍ من تصورات، وكوبٌ ساخن تشربه في عافية، وخبزة لينة تدّخرها لبقية يومك.
يكفيك من المتع أن تجد متعتك كاملة غير منقوصة في شيءٍ يَحدث أو يحصل لك، دون أن تُبلّغ عنه العوالم الافتراضية. يكفيك أن تكون لك اللحظة كاملة، لا يزيد من قيمتها تكاثر الناظرين إليها.
يكفيك من الحرية أن تختار مساحات انخراطك في هذا العالَم، وقدْر ما تتعرض له من ضوضاء، وأن لا يستلبك هذا العالم في مساحات تواصلك ليحكم عليك “اجتماعيّ” أو “صالح”.
يكفيك من صدق العاطفة قلب محب، يراك بلا فلتر، وبصورة من كاميرا أمامية، ويقول “ش زينك”.
ويكفيك من الذكرى ما يبقى من الشعور عالقاً بعطرٍ، أو لحن أغنية، أو نغمة اتصال، إذا تلاشت الأيام وخفتت ذاكرة الصور والكلمات.